الصحراء الـآن - هشام.م
لازال مشهد إحراق الشاب “زكرياء” لنفسه لم يفارق مخيلتي بعد وكلماته ترن في أذني قبل أن يضع حدا لحياته بسبب ظلم وجور لم يجد له منصفا، وشاهدت كما شاهد المغاربة أجمع والعالم بثا مباشرا يحكي من خلاله تظلمه ويقول أنه إختار أن يضع حدا لحياته حرقا، غير ثمل وغير متعاطي ويعلم يقينا ماذا يفعل ! بأسف شديد إنتهت حياته وهو ذو التسع عشر ربيعا.
لم يمضي على هذا الحدث أيام، لأجدني أتابع مقطع فيديو لمواطن آخر من مدينة الداخلة، بعينين متورمتين يحكي فصول "سينما هندية" حدثت له داخل أحد مخافر الشرطة، حينما كان يهم بتقديم شكاية ضد ضابط شرطة إدعى أنه يتعرض له، ويحكي المواطن (الولي) كيف دخل عليه "ضابط الشرطة" (المشتكى به)، وكيف إنهال عليه ضربا وتعذيبا وسبا وشتما مفاخراً بفعل، ومعه رفاقه الذين لم يمنعوه، ومن الممكن أنهم ساندوه وقد يشهدون له يوما أنه بريئ براءة أبناء يعقوب من ذنب أخيهم.
شاهدت هذا المقطع وأنا أتأسف أن يتعرض مواطن بسيط لاحول له ولا قوة للتعذيب والتعنيف، مُتسائلا عن وجه الحق الذي يخول للبوليــس، تعريضه للتعذيب داخل مركز للشرطة، عن مدى جرمه أو ذنبه لتتورم عينينه، عن أي فصل من القانون أو الدستور، يخول لضابط الشرطة هذا وعناصر الأمن الوطني، أن يعرضوا المواطن للتعذيب؟ عن أي سند أو حجة يَتَكِئُونَ عليه ليُقدموا على ما فعلوا؟، أليس في البلاد قضاء ونيابة عامة، وقانون يسري على الجميع، أم أننا في غابة يتخذ فيها من خَبر دروب وثغرات القانون ما يراه مناسبا ولو على حساب حق الإنسان، ضامنا بمكانه وخبرته داخل كواليس السلطة أن لا حساب ينتظره.
حكاية هذا المواطن وتعرضه للعنف، وجب الوقوف عندها، لأنه ببساطة لاأحد فوق القانون، ولأن مؤسسة الأمن ليست إلا جزء من مؤسسات واجبها الأول والأخير حماية الوطن والمواطنين، ولأننا نثق تماما في المدير العام منذ تعيينه قبل سبع سنوات على رأسها وما شهدناه من وقوف دائم في وجه الظلم والشطط، فإننا نرفع له تظلم هذا المواطن بمدينة الداخلة، نناشده تحقيق وتبيان العدالة، والمحاسبة للقطع مع تصرفات مسؤولين أمنيين هم بعيدون عن تطبيق رؤيته في تقريب الأمن من المواطنين، هم للأسف الشديد مِنْ مَنْ لازالت أذهانهم لا تستطيع مواكبة عصر دولة الحق والقانون، هم كذلك من الذين وجدوا من حجة "الإنفصال"، ضالة وملصقا يثبتونه على ظهر من لا تهواه أنفسهم يفعلون به ما شائوا .... دون حسيب أو رقيب......، هؤلاء هم من بقية جاهلية العهد البصيري البائد دون رجعة، وهم من الذين يستحقون وقفة حساب ليكنوا عبرة لأولي الألباب.