الصحراء الـآن - هشام عمر


في الوقت الذي يسمع صرير أمعاء الساكنة التي هدها الفقر والجوع، من أقصى المدينة إلى أقصاها؛ “سقطت آخر جدران الحياء”، عن أوجه المدينة، وفَكَر، ثم قَدّر، فقرر منظمو “مهرجان السينما”؛ ممارسة “السينما” على المواطن، سينما لا تعني بأي حال ذلك الفن النبيل الراقي، بل تعني ذلك الهبل القديم المتجدد في امتصاص أموال الشعب، دون حمرة خجل..


وبعد أن “شاط الخير على ازعير”، وأصبحت شبه جزيرة الداخلة مشابهة شيئا ما لمدينة “كرتوني” الإيطالية التي صادق مجلسنا الجماعي مؤخرا على إتفاقية التوأمة معها، وبعد أن أصبح مؤشر البطالة منخفضا شيئا ما، والمواطن "مشاء الله" يعيش قمة الرغد الإجتماعي، وتجاوز بكل اريحية المحنة الإقتصادية المصاحبة للوباء، لم يبقى له سوى أن يستجم سويعات داخل فضاء “النسخة العاشرة لمهرجان الداخلة السينمائي”!!.


بالفعل "إن لم تستحي فافعل ما شئت"، وهي المقولة التي جسدت ما أطل به علينا منظموا حدث “النسخة العاشرة لمهرجان الداخلة السينمائي”، الذي ستشهده مدينة الداخلة في الفترة الممتدة بين 8 و12 دجنبر القادم، هذا الحدث الذي بطبيعة الحال رصدت له مبالغ مهمة في وقت توصي مذكرات القطاعات الحكومية بالتقشف بعد مرور البلاد بأزمة إقتصادية جراء وباء كوفيد-19، وما تكبده الجميع من خسائر مادية لازال يعاني المواطن الضعيف من تبعاتها إلى حدود اليوم.


تنظيم هذا الحدث يجعلنا نفتح باب التساؤل حول ما قدمته التسع نسخ السابقة لمهرجان السينما لمدينة الداخلة؟، وماذا ستضيف نسخة حديثة رصدت لها ملايين الدراهم من جيوب ضرائب المواطنين وأموال مجالسهم؟، التي من الأولية بمكان أن تصرف على بنية تحتية متهالكة وتنمية إجتماعية حقيقية تستهدف الفئات المحتاجة، بدل “تبذيرها”، في “أكذوبة التسويق الخارجي”، و“الإشعاع الدولي”، وغيرها من المصطلحات التي أضحى البعض يستعملها لكسب “المال غير المشروع”، من منتديات بعيدة تماما عن تقديم أي إضافة نوعية لمدينة الداخلة وللجهة بصفة عامة.


اليوم، على الجميع تدارك هذا النوع من الأخطاء، وصرف الأموال في مكانها الحقيقي، والبحث عن التنمية المستدامة الواعدة، بدل هدر “أموالنا” على إستجمام فنانين أجانب، يأتون بهرج ويذهبون به، ولا عائد لنا من كل هذا سوى مخلفات ستثقل لامحالة “قنوات الصرف الصحي الضعيفة”، ثم ينطلق بعدهم منظموا الحدث في رحلة “الشتاء والصيف” ولن تطأ أقدامهم أرض الداخلة “بقرتهم الحلوب” إلا أيام معدودة قبل النسخة الحادية عشر.


رسالة أخيرة لرؤساء جميع المجالس المتواجدة بجهة الداخلة؛ لا تَغُرَّنَكُم ضخامة الشعارات وبدل أن تهدرو الأموال العمومية في منتديات حان لها أن “تُؤَرشَفْ”، إسثمروها في الطاقات الشابة من أبناء هذه الجهة (فنانين، مغنيين، ممثلين ومنتجين) وهؤلاء أولى بها، فهنا في مدينة الداخلة محياهم وهنا مماتهم.



مواضيع قد تعجبك