الصحراء الآن:

اعتمد الرباط سياسة الصمت  حول زيارة ستيفان دي ميستورا، المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية، إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة بحيث لم تتفاعل الخارجية المغربية مع الزيارة الأولى من نوعها التي كان العنوان الأبرز لحديث الساعة .

يوجد دي ميستورا اللحظة في مدينة الداخلة بعدما أنهى جولته في العيون والتقى خلالها بأطراف المجتمع المدني والجهات الرسمية والمنتخبة.

إلا أن الصمت الديبلوماسي المغربي غلب بالمقابل على هاته الزيارة التي تأتي قبل تقديم التقرير السنوي الذي سيرفع إلى مجلس الأمن، قبل الحسم في ولاية المينورسو المنتهية في أكتوبر المقبل.


وفي ذاته لمح مصد أممي لأحد المنابر الإعلامية ب "إمكانية توجه الإيطالي ستيفان دي ميستورا مباشرة إلى العاصمة الرباط حيث سيعقد مشاورات ثنائية مع ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، تتناول موضوع الزيارة الأخيرة إلى المنطقة، وتبحث آفاق التطورات السياسية التي يعرفها الملف".

كما أن آخر لقاء بين وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، والمبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية، ستيفان دي ميستورا، يعود إلى يوليوز من العام الماضي، حيث أعلنت حينها الأمم المتحدة عن إلغاء زيارة دي ميستورا التي كانت مقررة إلى الأقاليم الجنوبية.

فبالرغم من أن الزيارة الأولى لدي ميستورا تحققت بدون إعلان رسمي من وزارة الخارجية المغربية، ما خلف مجموعة من علامات الإستفهام عند المغاربة إلا أن موساوي العجلاوي، محلل سياسي باحث في مركز إفريقيا والشرق الأوسط، فسر ذلك  بأن "قضية الصحراء المغربية بالنسبة للمغرب هي مسألة مرجعيات تنطلق من قرارات مجلس الأمن منذ سنة 2007".

وأضاف العجلاوي، في تصريح له لأحد المنابر الإعلامية أن "المقاربات الأخيرة التي وردت في كل تقارير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وجل تقارير مجلس الأمن، تطرح سؤالا هاما: هل سيكتب دي ميستورا في تقريره السنوي أن الأطراف الانفصالية ترفض قرارات مجلس الأمن؟".

معتبرا المحلل ذاته أن "عدا هذا الأمر، سيكون رقص على الحبال لا غير، بمعنى أننا سنسمع تصريحات جميلة هنا، وتصريحات مضادة من الطرف الآخر".

"الوضع الذي يوجد فيه دي ميستورا حاليا صعب للغاية، بحيث يتناقض أو لا يشبه كثيرا ملفات سوريا وأفغانستان التي أشرف عليها، والتي يعلم الجميع كيف كانت مواقفه من هاته الملفات"، يقول المتحدث.

فهل سيقول دي ميستورا الحقيقة؟

وتساءل العجلاوي مجددا: "هل سيقول دي ميستورا الحقيقة ويظهر للعالم حقيقة هذا النزاع المفتعل أم سينهج نهج روس ويسعى لتمديد الأزمة ومحاولة لعب كل الأوراق؟”، قبل أن يشير إلى أن "الرباط واضحة في مواقفها التي تبنى على الشرعية الدولية، وستبقى على النهج نفسه".

وأضاف قائلا "فترة المبعوث الأممي السابق كولر وضع حينها المغرب قواعد اللعب منذ اللحظة الأولى، إذ رفض الحضور إلى لقاء برلين، لأن له مرجعيات واضحة في هذا الصراع المفتعل".

وأشار المتحدث لافتا إلى أن "الأمريكيين من خلال زيارتهم الأخيرة يريدون الدفع بالعملية السياسية من جديد، لكن ذلك يدفعنا إلى التشديد على أن واشنطن لن تغير موقفها من قضية الصحراء المغربية، إذ تواصل الإدارة الأمريكية الحالية العمل بموقف ترامب، خاصة في جزئه الثاني المتعلق بالدعوة إلى الحل السياسي، ودعوة الأطراف الأخرى إلى العمل بمبادرة الحكم الذاتي المغربية".

اختتم المحلل السياسي ذاته الحديث بخلاصة مفادها أن "المغرب حريص على قرارات مجلس الأمن، وعلى مقتضيات القانون الدولي، في ظل غياب وضوح حول جهود دي ميستورا في الوقت الحالي، الذي تبدو محاولاته الحالية بهدف كسب ثقة الأطراف".

 أما فيما يخص العرقلة الجزائرية:

من جانبها، ترى شريفة لموير، محللة سياسية، أن "البرود الديبلوماسي، إن صح القول، للمغرب تجاه زيارة المبعوث الأممي، راجع إلى كون زيارته تدخل في خانة الزيارات العادية والروتينية، خاصة وأنها تندرج في سياق الإعداد لتقرير الأمين العام حول قضية الصحراء، المنتظر عرضه في مجلس الأمن الدولي في أكتوبر القادم".

وأشارت لموير، في تصريح لها، أن "المغرب لطالما دافع عن مبادرة الحكم الذاتي كأفضل حل سياسي من خلال الموائد المستديرة، وبحضور الأطراف المعنية بالقضية، بما فيها الجزائر وموريتانيا، واليوم فرضُ آلية المفاوضات من جديد أمر صعب ومستبعد، خاصة في ظل التوتر الكبير بين الرباط والجزائر".

وأضافت"سيجعل هذا التوتر مع الجزائر الزيارة لا تأتي بالجديد من طرف دي ميستورا. واحتكاما إلى كل هاته المعطيات، فإن برمجة دي مستورا زياراته إلى الأقاليم الجنوبية بمعية لقاءات مع مختلف فاعلي المجتمع المدني، وكذا مسؤولي المنطقة ومنتخبيها، سيكون لها الوقع فقط في تبيان ما تشهده المنطقة من تطور في البنى التحتية والتنموية" تقول المتحدثة.

واختتمت المحللة السياسية ذاتها الحديث  هي الأخرى بخلاصة مفادها أنه "في ظل تعثر تفعيل آلية الطاولات المستديرة، والتعنت الذي تصر الجزائر على التعامل به في هذا الملف، فإن زيارة دي مستورا إلى الأقاليم الجنوبية سوف تخلق صدى جد ايجابي في هذا الملف فيما يخص أحقية الموقف المغربي، لكن دون أي تقدم جديدا بسبب الدور الجزائري".

مواضيع قد تعجبك