احتفت مدينة سيدي إفني أمس الاحد10غشت،في لحظة وطنية استثنائية، بأبنائها من الجالية المغربية المقيمة بالخارج، في إطار تخليد اليوم الوطني لمغاربة العالم، الذي أصبح تقليدا سنويا يعكس العناية الملكية السامية التي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده يوليها لرعاياه الأوفياء المقيمين بالخارج، كما يجسد إرادة ملكية راسخة في التاكيد على متانة أواصر الانتماء وتعزيز جسور التواصل بين الوطن وأبنائه عبر العالم وتثمين مساهماتهم في المسار التنموي الوطني.
الاحتفال، الذي ترأسه السيد محمد ضرهم، عامل صاحب الجلالة على إقليم سيدي إفني، تميز بحضور رسمي وشعبي وازن، ضم مختلف الفعاليات المؤسسية، من ممثلي القضاء والأمن والجيش، إلى المنتخبين ورؤساء المصالح، وصولا إلى أفراد الجالية بالاقليم .
وفي مستهل كلمته، عبر السيد العامل عن فخره واعتزازه العميق بحضور أبناء الإقليم المقيمين بالخارج، موجها لهم ترحيبا صادقا باسم جميع مكونات الإقليم، ومتمنيا لهم مقاما طيبا بين ذويهم. كما أعرب عن امتنانه لتلبية الدعوة والمشاركة الفاعلة في هذا الحدث الوطني، مؤكدا أن هذه اللحظة ليست فقط للاحتفاء، بل أيضا للإنصات وتبادل الرؤى حول قضايا التنمية المحلية وانتظارات الجالية.
وقد اختير للاحتفاء هذه السنة شعار “ورش الرقمنة: تعزيز لخدمات القرب الموجهة لمغاربة العالم”، الذي يعكس تحولا في نظرة الدولة إلى علاقة المواطن المغربي بالمرفق العمومي. فترقمن الإدارة، هو أن تعاد صياغة علاقة الثقة بين الدولة ومواطنيها، وخاصة منهم أولئك الذين يعيشون ظروفا خاصة في بلدان المهجر.
لقد أصبح واضحا، أكثر من أي وقت مضى، أن الجالية المغربية بالخارج ليست مجرد فئة مهاجرة تبحث عن تحسين أوضاعها الاقتصادية، بل هي مكون وشريك استراتيجي فاعل في المشروع الوطني التنموي. وهذه الحقيقة عبر عنها السيد العامل بوضوح، حين أكد تفهمه الكامل لانشغالات مغاربة العالم، ومتابعتهم الدقيقة لما يتحقق من منجزات في الإقليم، وما يواجهه من تحديات.
فمن خلال مشاركتهم المتواصلة في القضايا الوطنية، ودورهم المتنامي في دعم الاقتصاد المحلي، وإسهاماتهم المتنوعة في التنمية، أظهر أبناء سيدي إفني بالخارج أنهم يحملون هم الإقليم وقضاياه في وجدانهم، وأنهم جزء لا يتجزأ من معادلة النهوض والرقي.
وفي لحظة وفاء أخرى عرفها الحفل، تم تكريم عدد من أبناء الجالية المنحدرين من الإقليم، عرفانا بمبادراتهم النبيلة، وتقديرا لتمثيلهم المشرف لوطنهم في دول الاستقبال. وقد جسدت هذه الالتفاتة البعد الإنساني والرمزي للاحتفال، باعتباره مناسبة للاعتراف بقيمة المواطن وبدوره أينما كان.
كما تميزت هذه التظاهرة بتنظيم أروقة ومعارض تعريفية، أبرزت المجهودات المبذولة في ورش رقمنة الخدمات الإدارية، وعرفت بالبرامج العمومية الموجهة لمغاربة العالم، في أفق تبسيط المساطر وتجويد الخدمات، بما يتناسب مع ظروف إقامتهم واحتياجاتهم المتزايدة.
إن الرقمنة، كما أكد السيد العامل، لم تعد ترفا إداريا، بل أصبحت ضرورة استراتيجية تفرضها رهانات التنمية وتطلعات المواطنين، خصوصا أولئك الذين لا تسمح ظروفهم الزمنية أو الجغرافية بالتنقل أو الانتظار الطويل في الإدارات.
ولا شك ان هذا الاحتفال لم يكن مجرد لحظة بروتوكولية، بل شكل مناسبة وطنية بامتياز، للتأكيد على أن مغاربة العالم ليسوا في الهامش، بل في قلب المعادلة الوطنية. فهم ثروة وطنية لا تنضب و امتداد طبيعي للهوية المغربية، وسفراء دائمون لقيمها وتقاليدها، وشركاء موثوق بهم في بناء مغرب الكرامة والتقدم.