الصحراء الآن – سعيد المرابط

تقع مدينة الداخلة، في أقصى جنوب الصحراء، تقع على بعد 400 كيلومتر شمال الحدود الموريتانية، وحوالي 600 من العيون، مدينة متوسطة الحجم يبلغ عدد سكانها ما يزيد قليلاً عن مائة نسمة.

المدينة مبنية على شبه جزيرة بارزة من البر الرئيسي، مما يخلق بحيرة تشتهر برياضة ركوب الأمواج شراعيًا “السورف”، كما أنها مشهورة بشواطئها الغنية بالأسماك.

القوارب المعيشية

في هذه المدينة الوديعة، تطفوا قضية ما بات يعرف

بـ”القوارب المعيشية”، وهي قوارب صيد تقليدية، يشتغل عليها أبناء المنطقة تدر عليهم ما يقيهم بؤس الحال ومصاعب العيش والبطالة، منعتهم السلطات من ممارسة نشاطهم بسبب “عدم توفرهم على ترخيصات ووثائق القوارب”.

وفي مقابل ذلك، يقول هولاء الشباب أن السلطات ترفض الترخيص لهم، فحسب قولهم “هناك لوبيات تقف وراء ذلك، لأنها تريد تقليص عدد القوارب بمصائد الداخلة؛ لتستفيد وحدها”.

يشرح ارويجل الشيخ أحمد، رئيس “تنسيقية الشباب الصحراوي ملاك القوارب المعيشية”، في حديث لـ”رأي اليوم”، “بعد إكمال دراستنا الجامعية، لم نجد ما نشتغل فيه سوى قطاع الصيد البحري التقليدي، فغير ذلك من أنواع الصيد؛ لم نعد حتى نطمع فيه”.

ويوضح الشيخ أحمد، أنهم اضطروا إلى كراء القوارب من “أناس لا تربطهم بالداخلة أية صلة، وهي المتحكمة في زمام القطاع، بعد ذلك نفاجأ بقرار يفضي إلى ضرورة ملكية القوارب للاشتغال والصيد، فراسلنا الوزارة وطرقنا كل الأبواب ولكنها كانت موصدة”.

ويقول هذا الشاب الحاصل على شهادة جامعية، أن هذه القوارب المعيشية؛ تعني إسمها فعلًا، فهي المصدر الوحيد للعيش بالنسبة لهم، تغنيهم عن الاعمال “غير القانونية كالتهريب، المخدرات والاتجار في البشر”.

لوبيات الصيد البحري

ومن جهته، يشدد أحمد أهل بباها، المتحدث باسم “الشباب ملاك القوارب المعيشية بقرية الصيد البيردة”، أن لوبيات الصيد البحري بالداخلة، “تحاربنا وتضغط على الوزارة لقطع رزقنا، ونحن ضائعون في هذه المعجنة، لا نطالب فقط سوى بحقوقنا”.

أهل بباها، يؤكد لـ”رأي اليوم”، أن هذه القوارب بالنسبة لهم؛ “هي مسألة حياة أو موت، لأنها المورد الوحيد لعيشنا”، مضيفًا أن هؤلاء “الذين يحاربوننا يزعمون أن الداخلة تتوفر على أزيد من ثمانية آلاف قارب، وهذا غير صحيح”.

ويشدد على أن السلطات بعد اجتماع مع محافظ المدينة، أحصت عددنا، وتأكد لها “أن هناك قوارب تعود ملكيتها لشابين وأكثر، وأن العدد الذي يقال زورًا منفوخ فيه، في حين أن شباب الإقليم لا يتجاوز عدد قواربهم المعيشية خمسة آلاف قارب”.

وكشف أهل باباها، في تصريحه لـ”رأي اليوم”، أن اللوبيات التي تضغط “لقطع أرزاقنا”، “تتوفر على مئات القوارب غير المرخصة، وكانت مضاعفة قبل موجة الهجرة غير الشرعية، التي اشتغلوا بها، وجنوا منها الأموال الطائلة مقابل تهريب البشر”.

“طفح الكيل، لا نملك موردا نعيش منه غير هذه القوارب، التي لا تتعدى خمسمائة قارب، تعيد أزيد من ألف عائلة بالداخلة”، يقول الشاب متأسفًا.

ويخلص إلى أنهم يناشدون السلطات على حلحلة قضيتهم، “500 قارب مشكل بسيط أمام قدرة الدولة، فلم لا يرخصون لنا أو يسمحون لنا بالعمل للعيش في سلام”.

هذا، وتشير مصادر إعلامية مغربية، إلى “إنعقاد إجتماع رفيع المستوى بمدينة الداخلة يجمع كل الأطراف المعنية بقطاع الصيد البحري مركزيا ومحليا، لانهاء القوارب غير المرخص لها”.

وأكدت مصادر “رأي اليوم”، من الداخلة أن اجتماعا سيجمع اليوم الأربعاء “والي الداخلة ولجنة من وزارة صيد البحري وأخرى من وزارة داخلية”.

جدير بالذكر، أن الصيد البحري هو شريان الحياة للاقتصاد المحلي، حيث يشتغل فيه 70 بالمئة من القوى العاملة في الداخلة.

ويجلب ميناء المدينة وحده؛ عبر آلاف السفن 500 ألف طن من الأسماك سنويا، تصل قيمة تصديرها 2.2 مليار درهم (249 مليون دولار) سنويا، وفق معلومات استقتها “رأي اليوم” من مصادر بالميناء.

   

مواضيع قد تعجبك