في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه منظومة التعليم العالي في بلادنا، برزت ظاهرة خطيرة تمس جوهر العدالة الأكاديمية ومصداقية المؤسسات التعليمية، وهي ظهور سوق سوداء لبيع شهادات الماستر، تتجاوز القوانين وتخون الأمانة الوطنية، مخلفة وراءها أجيالاً من الشباب المحبطين.
بحسب مصادر موثوقة، فإن عدداً من الوسطاء ممن يُفترض بهم العمل داخل النظام الأكاديمي، يستغلون ثغرات في الرقابة والإجراءات الإدارية لبيع شهادات الماستر لشباب طموحين يُجبرون على دفع مبالغ مالية كبيرة مقابل شهادات وهمية أو مزورة. هذه الممارسات لا تقتصر على شخص أو جهة واحدة، بل تشير التحقيقات إلى وجود شبكة منظمة تعمل على تحقيق أرباح مالية ضخمة على حساب مستقبل الطلاب.
الأضرار والتبعات
لا يقتصر الضرر على فقدان الشهادة لقيمتها العلمية، بل يتعداه إلى هدم الثقة في نظام التعليم برمته، مما ينعكس سلباً على سوق العمل الذي يتطلب كفاءات حقيقية وصادقة. آلاف الشباب الذين يستثمرون الوقت والجهد في تحصيل المعرفة يجدون أنفسهم في موقف غير عادل أمام خريجين “مُشتراة” شهاداتهم، ما يسبب تراجع فرصهم ويزيد من نسب البطالة والتهميش.
أرقام ومؤشرات مقلقة
رغم غياب إحصائيات رسمية دقيقة، تشير مصادر مقربة إلى ارتفاع معدلات الشكاوى المتعلقة بتزوير شهادات الماستر أو الحصول عليها عبر طرق غير مشروعة. كما توثق بعض التقارير المحلية حالات رفض توظيف أو تهميش خريجين كانوا يستحقون فرص عمل، لصالح من اشتروا شهادات بمبالغ مالية دون اجتياز اختبارات حقيقي
حتى الآن، تبقى الإجراءات الرقابية ضعيفة، إذ لم تعلن أي جهة رسمية عن تحقيقات علنية أو حملات صارمة لمكافحة هذه الظاهرة. من ناحية أخرى، يبرز دور الإعلام الاستقصائي في فضح هذه الشبكات، وهو دور أساسي يجب تعزيزه لتشجيع الجهات المختصة على التحرك الجدي.
إن هذه الظاهرة تستدعي تدخلًا فوريًا من جميع الأطراف: وزارة التعليم العالي، الأجهزة الرقابية، والمجتمع المدني، لتفعيل أنظمة المراقبة، وتبني آليات شفافة لمنع تزوير الشهادات، وضمان عدالة الفرص أمام الطلبة الأبطال الذين يكدحون ويكدون.
المسألة أكبر من مجرد فساد فردي، إنها جريمة وطنية تهدد الأمن الاجتماعي وتعرقل التنمية. شبابنا يستحقون تعليماً نظيفاً، وشهادات حقيقية تُبنى على الكفاءة والجهد، لا تُشترى بأموال تُهدر في دوامة الفساد.
* بيري محمدو
عضو بالشبكة الاوروعربية للصحافة والسياحة
واللاتحاد العالمي للصحفيين والإعلاميين